ثم ماذا
حين تنهار، حين تُكسر، حين تُخذل، حين تصرخ بصمت ولا يسمعك أحد… حين يمر عام كامل وأنت لا تشعر أنك تعيش… فقط تتنفس كي لا تموت ثم ماذا؟!
من هنا تبدأ الحكاية، تنهار… وتسقط بلا صوت، لا أحد يهتم أو يعلم كيف تكسرت من الداخل وأنت تضحك، ولا أحد يسمع تلك الصرخة الصامتة وهي في أعماقك تقول: “أنقذوني!”
حتى توقفت ولم تعد تصرخ… لأنك لا تجد من يسمع.
يا صديقي إليك اكتب واروي قصصاً… تشبه انكسارك، ربما ليست قصتك تمامًا، لكنها تحاكي وجعًا يشبهك، هي عن شخصٍ ظن أنه انتهى… حتى سمع سؤالًا مختلف عن تلك الأسئلة: “ثم ماذا؟!”
وهناك صوت داخلي يقول:
ثم ماذا بعد كل الذين غادروا؟
بعد تلك الخطط التي لم تكتمل؟
بعد تلك الليالي التي انتهت دون نوم…
ثم ماذا؟
لا أحد سيفهم ماذا يعني أن تُكمل مجروحًا، أن تمشي والوجع يثقل ظهرك، أن تبتسم رغم الدمار، أن تقول: “أنا بخير”… وأنت في الحقيقة تسقط من داخلك آلاف المرات.
وهل النهاية التي وصلت إليها… كانت النهاية فعلًا؟
أم أنها كانت بداية لإعادة تشكيلك؟
هل كانت لحظة انكسار… أم لحظة ولادة؟
ربما ما ظننته موتًا… كان بداية الحياة.
تأمل معي السيرة النبوية: لحظات الانكسار الكبرى
النبي ﷺ حين فقد زوجته خديجة، وعمه، ووُصف بالكذب، سُمّي ذلك العام بـ”عام الحزن”، لكنه لم يكن عام الهزيمة… بل عام لبداية جديدة قد أذن الله بها .
(السيرة النبوية – ابن هشام، ج1)
ولو تأملت معي لوجدت التاريخ قد خلد أن هناك من غيرته آية واحدة… وكانت كافية لتفتح أبواب القلوب من جديد
(طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى)
طه: 1–2
قالها الله لنبيه، وكانت سببا لإسلام عمر بن الخطاب، اقرأها وكأن الله قالها لك ستشعر بتغير عجيب وكأن الله يخاطبك، لم تُخلق لتشقى، بل لتسعد.
سأذكر لك قصص سقط أصحابها… ثم صعدوا، من رجلٍ سكيرٍ قال: “ضيعوني”… إلى أن صلّى خلف أبي حنيفة، ومن عمر الذي خرج ليقتل النبي، فأسلم بسورة “طه”، ومن مالك بن دينار… إلى عالمٍ من النور.
كلهم سقطوا ثم نهضوا… لكنهم أجابوا عن السؤال: ثم ماذا؟
ولسان حالك يقول…
“سقطتُ نعم، وما زلتُ حيًّا، تكسّرتُ، لكن الله رمّمني، وإن قالوا: انتهى، قلت: بل ابتدأتُ الآن!”.
وهذه ومضات وُلدت من قلب الحطام:
– السقوط لا يُخيف، ما دام في قلبك نية النهوض.
– حين تنكسر… اسجد، فالله وحده من يجمع فتات قلبك.
– اليأس ليس نهاية… بل تنبيه أنك تبحث في الاتجاه الخطأ.
رسالة لقلبك: أنت لا تعيش صدفة
أنت خلقك الله لحكمة لم تُخلق عبث فأعد التفكير تجد الجواب، إن مررت بالفقد، فالله يُعِدّك للامتلاء، وإن انهدمت، فالله يُعِدّك لتُبنى بشكلٍ لا يهتز، وحين تنظر للأرض… لا تنسَ أن الله في السماء، وكل من خذلوك هم بشرًا… وأنت غفلت أن هناك ربًا لا يخذلك أبدًا، ارفع بصرك، فالغوث لا يأتي من الأسفل.
تقول ثم ماذا؟
من هنا بالضبط… تبدأ قصتك الجديدة
دعني أهنئك: لقد وصلت إلى أقصى نقطة في الانهيار، ولم يبقَ لك سوى اتجاه واحد… القيام.
وما كتبته لك ليست عناوين متفرقة، بل خيوط متّصلة تنسج للروح طريقًا يبدأ من الانهيار… لينتهي بالقيام، وماهي إلا بداية لحياتك الجديدة ولعل هذا هو أول سطر في رواية تعيد كتابتك، وهذه اللحظة، هي التذكرة التي انتظرتها طوال الطريق، لتكتب لك سطور روايتك وحياتك الجديدة فكن معي واقرأ هذه السطور.
💭 إليك أيها القارئ هذه القصة…
يحكى أن شابًا في كلية الطب، كان من أوائل دفعته، يُبهر الجميع بابتسامته وذكائه وأخلاقه… لكنه تعرض لحادثٍ مؤلم، كُسر فيه جسده، ثم كُسر بعده كل شيء آخر، عام دراسي كامل، وشهادة طبية تأخرت، وحياة اجتماعية انطفأت، وأحلام كانت تُكتب، تمزقت! دخل بعدها في نوبة اكتئاب صامت، لا يرى فيها مبررًا للصبر، ولا وجهًا للفرج… ومرت عليه ليالٍ باردة كان فيها يكتب رسائل وداع في رأسه ولا يرسلها! حتى جاءت ليلة… سجد فيها، وهو يبكي دون دعاء، فقط بكاء! وحين رفع رأسه، قال بهدوء: "ثم ماذا؟ إن مُت… لن ينكسر العالم." لكنّ صوتًا داخليًا صرخ فيه: "أخطأت! إن مُت… سينكسر العالم الذي كان يمكن أن تصنعه!" ومن يومها… بدأ الترميم، ليس بسرعة… لكنه بدأ.
🧠 صوتك الداخلي يهمس: ثم ماذا؟!
ثم ماذا إن تأخرت؟! ثم ماذا إن سقطت؟! ثم ماذا إن قالوا عنك: خذلتنا، لم تعد كما كنت؟! هل ستدفن نفسك في الحزن لأن الناس توقّعوا منك أكثر؟ أم ستفاجئهم… بأنك أقوى مما ظنوا، وأنك وُلدت من ضعفك الجديد؟
📖 من السيرة النبوية: السقوط لحظة… والقيام قرار
بعد وفاة النبي ﷺ، اهتزت المدينة… حتى قال عمر رضي الله عنه: من قال إن محمدًا قد مات، لأقطعنه بالسيف!
لكنه حين سمع الآية: "وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل…"
أفاق، ورفع صوته: كأني أسمعها لأول مرة!
المصدر: البخاري 4453، سورة آل عمران – الآية 144
في لحظة واحدة… تحول عمر من السقوط إلى الثبات.
وهكذا نحن… ربما نحتاج فقط آية واحدة، موقفًا واحدًا، حتى نستعيد وعينا.
📚 قصص من الحياة… بعد الانهيار!
🕯️إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه
كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه من أشد الناس عداوة للإسلام في بدايته، حتى أنه خرج يومًا متوشحًا سيفه قاصدًا قتل النبي محمد ﷺ، وفي طريقه، علم بإسلام أخته فاطمة وزوجها سعيد بن زيد، فغضب وتوجه إلى بيتهما، عندما دخل، وجد خباب بن الأرت يقرأ عليهما سورة “طه”، فاختبأ خباب، وخبأت فاطمة الصحيفة.
سأل عمر عن الصوت الذي سمعه، فأخبروه أنه حديث دار بينهم، فقال: “لعلكما قد صبوتما”، فقال له سعيد: “أرأيت إن كان الحق في غير دينك؟” فقام عمر يريد ضربه، فمنعته فاطمة، فضربها على وجهها، فردّت عليه وهي غضبى بقولها: “يا عمر، إن كان الحق في غير دينك، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله”.
عندما رأى عمر ما فعله بأخته، ندم وطلب منها أن تعطيه الصحيفة، فقالت له: “إنك رجل نجس ولا يمسه إلا المطهرون، فقم فاغتسل”. ففعل، وبدأ بالقراءة:
“طه (1) مَا أَنْـزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى (2) إِلا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى
تأثر، وقال: “ما أحسن هذا الكلام وأكرمه!”، وطلب أن يدَلوه على رسول الله محمد ﷺ، ذهب إلى دار الأرقم، حيث كان النبي ﷺ، وأعلن إسلامه هناك، فكبر المسلمون تكبيرة سمعها أهل مكة.
الإمام أبي حنيفة وجاره شارب الخمر 🍷
كان لأبي حنيفة رحمه الله جار إسكاف بالكوفة، يعمل نهاره أجمع، فإذا أجنّه الليل رجع إلى منزله بالخمر ولحم أو سمك، فيطبخ اللحم أو يشوي السمك، حتى إذا دبّ الشراب فيه رفع عقيرته ينشد
أضاعوني وأيّ فتى أضاعوا ... ليوم كريهة وسداد ثغر
فلا يزال يشرب ويردّد هذا البيت، حتى يغلبه النوم.
وكان أبو حنيفة رحمه الله يصلّي الليل كلّه، ويسمع جلبته وإنشاده، ففقد صوته ليالي، فسأل عنه فقيل له: أخذه العسس منذ ثلاث ليال، وهو محبوس، فصلّى الفجر وركب بغلته، ومشى فاستأذن على الأمير، فقال: ائذنوا له، وأقبلوا به راكبا، ولا تدعوه ينزل حتى يطأ البساط، ففعل به ذلك، فوسّع له الأمير مجلسه، وقال له: ما حاجتك؟
فقال: لي جار إسكاف أخذه العسس منذ ثلاث ليال، فتأمر بتخليته؟ فقال: نعم، وكلّ من أخذ من تلك الليلة إلى يومنا هذا، ثم أمر بتخليتهم أجمعين. فركب أبو حنيفة وتبعه جاره الإسكاف، فلما أوصله داره، قال له أبو حنيفة: أترانا يا فتى أضعناك؟ قال: لا بل حفظت ورعيت جزاك الله خيرا عن صحبة الجوار ورعاية الحق، ولله عليّ ألّا أشرب الخمر أبدا، فتاب ولم يعد إلى ما كان عليه.
مالك بن دينار: سارقُ الليل… وعابدُ النهار
كان مالك بن دينار - في شبابه - سكيرًا، بعيدًا عن الله.
وذات ليلة، خرج ليَسرق، فإذا برجلٍ يُصلي، يقرأ قوله تعالى:
(ألم يأنِ للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله)
(سورة الحديد: 16)
فوقف مذهولًا… كأن الآية سُكبت على قلبه، فذابت داخله كلُ المعاصي.
رجع يبكي، وتاب، وأصبح من كبار التابعين، ومن أعظم الوعّاظ.
وكان يقول: “بآية واحدة… غسلت من كل ذنوبي!”
الدكتور هاني الجهني: من العنصرية… إلى مشرط الحياة
في بعثته ودراسته، واجه الجراح السعودي “هاني الجهني” أشكالًا قاسية من التمييز والعنصرية، لم يكن يُنظر إليه كجراح المستقبل، بل كـ”غريب” بلغة ولهجة مختلفة.
تحمّل نظرات الاستعلاء، والهمسات المُهينة، لكنّه كان يعود إلى سكنه وهو يردد: “سأُريهم أني لا أقلّ عن أحد، بل أبرع منهم”، كان يجتهد ليلًا بنَهم، ويُدهش الأطباء صباحًا.
واليوم… هو أحد أبرز الجرّاحين في منطقة القصيم والمملكة، يلجأ إليه الناس للحياة بعد أن استصغرته نظراتهم يومًا!
عبدالله بانعمة: جسد ساكن… وروح تهزّ القلوب
أصيب عبدالله بانعمة – رحمه الله – بشلل رباعي بعد حادث غوص.
أصبح لا يتحرك إلا بعينيه ولسانه… لكنه لم ينهزم.
بل خرج للعالم من سريره، يلقي المحاضرات، ويهز القلوب، ويُلهب الحناجر بالدعاء.
غيّر الآلاف من الشباب بتواضعه، وبكلمة صادقة تهز الأرواح.
كان يقول: “إذا كنتُ مشلول الجسد… فأنا حيّ القلب، ناطق بالحق.”
ورحل، لكنه ترك أثرًا أوسع من كثيرين يمشون على أقدامهم… بلا أثر.
فرانك مارس (مؤسس سنكرز): من عُكاز الفشل… إلى قِمّة الحلا
فرانك مارس وُلِد بمرض شلل الأطفال، وكان بالكاد يتحرك، مما جعل زملاءه يسخرون منه طوال طفولته، لكنه لم يستسلم… بل بدأ في صناعة الحلوى من مطبخ صغير مع والدته، كانت البداية فوضى… ثم جاءت الفكرة: لماذا لا نخلط الشوكولاتة مع الكراميل والبسكويت؟
فكانت “سنكرز” التي أطلقت شركة Mars الشهيرة، والتي أصبحت تُطعم العالم وتُشعره بالفرح في كل لقمة، رحل فرانك… لكن طعمه بقي.
✍️ ولسان الحال يقول:
سقطتُ… نعم، وما زلتُ حيًّا!
تكسّرتُ… لكن الله رمّمني.
وإن قالوا انتهى… قلتُ: بل ابتدأتُ الآن.
🕯️ ومضات من قلب العتمة:
ومضة: إن سقطتَ… فاختر السقوط على رُكب الدعاء، لا على حافة اليأس.
همسة: لن تكون شيءٌ وأنت تُقلّد غيرك، انهض واصنع شيئا مختلفا.
اقتباس: نحن لا نسقط حين نفشل… بل حين نُصدّق أننا لا نستحق النهوض.
💌 رسالة لقلبك:
إذا كان الله قد أخرجك من ظلمة الرحم إلى نور الحياة… فهل يعجز أن يُخرجك من ضيق قلبك إلى سعة رحمته؟ قلها الآن… بصوتٍ يسمعه قلبك قبل أذنك: أنا هنا رغم كل شيء… وسأنهض رغم كل شيء.
🎯 ثم ماذا؟!
ثم تقف! ثم تتنفس! ثم تقول: لم أُخلق لأُدفن تحت أطلال الألم.
ولن أسير للهاوية… بينما الجنة تنتظر من يصبر.
ثم ماذا؟… ثم تبدأ من جديد.
✨إن شعرت أن كلمات "إلهام 360" لامست قلبك، فهذه ليست صدفة...نحن هنا نكبر بدعمك ووجودك.
انضم إلينا وكن جزءًا من الرحلة عبر قنواتنا الرسمية:
إذا كنا قد لامسنا قلبك، فشارك به من يحتاج أن يقرأه اليوم واجعل من إلهام 360° محطّتك الأولى لتقوية نفسك… كل يوم.
© 2025 – إلهام 360 | كل لحظة تلامس قلبًا، تُعيد خلق عالم.
